دراسة جديدة تكشف علاقة غير متوقعة بين الذكاء والخرف

كشفت دراسة جديدة عن تأثير غير متوقع للخرف على الأشخاص الأذكياء، حيث يتبين أن لديهم معدلات تدهور أسرع في حالتهم العقلية مقارنة بالأشخاص الأقل ذكاءً. ووفقًا لصحيفة "التلغراف" البريطانية، قام فريق البحث بتحليل 261 دراسة سابقة تناولت العلاقة بين الخرف، الذكاء، الإدراك، والتحصيل التعليمي، وتوصل إلى نتائج مثيرة.
في تفاصيلل الدراسة، التي تعد الأكبر من نوعها في هذا المجال، أظهرت أن الأفراد الذين يتمتعون بذكاء مرتفع أو الذين قضوا سنوات أطول في التعليم، مثل أولئك الذين حصلوا على تعليم جامعي أو دراسات متقدمة، هم أكثر عرضة لتدهور حالتهم العقلية بسرعة أكبر عند إصابتهم بالخرف مقارنة بالآخرين. ويشير الفريق البحثي إلى أن هذه الظاهرة تتعلق بما يُعرف بالـ "الاحتياطي المعرفي"، والذي يتزايد مع زيادة التعليم والتحفيز العقلي.
ووفقًا للدراسة التي نُشرت في المجلة الطبية البريطانية، وجد الفريق البحثي أن الأشخاص الذين لديهم احتياطي معرفي أعلى، والذين يشاركون في أنشطة عقلية مثل حل الألغاز أو التفاعل مع التحديات المعرفية، يعانون من تدهور معرفي أسرع عند إصابتهم بالخرف. وأوضح الباحثون أنه لكل سنة إضافية من التعليم يحصل عليها الشخص، ينخفض متوسط العمر المتوقع بعد تشخيص الخرف بمقدار 0.2 سنة، وهو ما يعادل نحو 2.5 شهرًا.
وأرجع الباحثون السبب في ذلك إلى أن الأشخاص الأذكياء يميلون إلى أن يكونوا أكثر مرونة في التعامل مع التدهور المعرفي. فهم قادرون على العمل لفترة أطول دون أن يظهروا علامات أو أعراض بداية المرض. وهذا يعني أن الخرف غالبًا ما يُكتشف لديهم في مراحل متأخرة، مما يجعل علاجهم أو إبطاء تطور المرض أكثر صعوبة. وبالتالي، من المرجح أن يعيش الأشخاص ذوو الذكاء العالي لفترة أقصر بعد التشخيص مقارنة بمن يتم تشخيصهم في مراحل مبكرة من المرض.
وتجدر الإشارة إلى أن الخرف يؤثر سنويًا على 10 ملايين شخص حول العالم، وهو ما يعكس الحاجة الملحة لمزيد من البحث لفهم كيفية تأثير الذكاء والتعليم على تطور هذا المرض.
والخرف هو مصطلح شامل يشير إلى مجموعة من الأعراض التي تؤثر على الوظائف العقلية والمعرفية للأفراد، مثل الذاكرة والتفكير واتخاذ القرارات. يُعتبر الخرف حالة تقدمية تتسبب في تدهور القدرة على أداء الأنشطة اليومية والتفاعل الاجتماعي. من أبرز أنواع الخرف نجد مرض الزهايمر، الذي يعد الأكثر شيوعًا ويبدأ عادةً بتدهور الذاكرة قصيرة المدى قبل أن يتفاقم ليشمل وظائف معرفية أخرى. كما يوجد الخرف الوعائي، الذي يحدث نتيجة لتلف الأوعية الدموية في الدماغ بسبب السكتات الدماغية، والخرف الجبهي الصدغي الذي يؤثر على الفصين الجبهيين والصدغيين مسببًا تغييرات في الشخصية والسلوك.
يمكن أيضًا أن يحدث الخرف المختلط الذي يجمع بين أكثر من نوع. من أهم أعراض الخرف النسيان المستمر وصعوبة التفكير وحل المشكلات، بالإضافة إلى اضطرابات في اللغة وفقدان القدرة على التعرف على الأشخاص أو الأماكن. من بين العوامل التي تساهم في الإصابة بالخرف نجد التقدم في العمر، حيث يزيد خطر الإصابة مع التقدم في السن، وكذلك العوامل الجينية والأمراض الوعائية مثل السكتات الدماغية. بينما لا يوجد علاج شافٍ للخرف، يمكن لبعض الأدوية أن تخفف الأعراض أو تبطئ تقدم المرض. كما يساعد النشاط العقلي والبدني والاتباع المنتظم لنظام غذائي صحي في تقليل خطر الإصابة بالخرف.
في الختام، تكشف هذه الدراسة عن جانب غير تقليدي من تأثير الخرف، حيث يُظهر الأشخاص الأذكياء تدهورًا أسرع في حالتهم العقلية بسبب تأخر تشخيص المرض لديهم. هذه النتائج تدعو إلى إعادة التفكير في كيفية الكشف المبكر عن الخرف وسبل معالجته، مع التركيز على الأفراد الذين قد يتأخر ظهور الأعراض لديهم بسبب مرونتهم المعرفية. وبينما لا يزال البحث في هذا المجال مستمرًا، فإن هذه الدراسة تفتح الباب لفهم أعمق حول كيفية تأثير العوامل المعرفية والتعليمية في تطور الخرف، مما يساعد في تطوير استراتيجيات تشخيص وعلاج أكثر فعالية.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية