هل نحن مستعدون لتحقيق شعار اليوم العالمي للمرأة 2025؟

يصادف اليوم 8 آذار مارس، اليوم العالمي للمرأة، الذي يُحتفل به في جميع أنحاء العالم لتكريم إنجازات النساء وتقدير مساهماتهن في مختلف المجالات، وكذلك لرفع الوعي حول القضايا التي تؤثر عليهن مثل المساواة في الحقوق والفرص. فالمرأة هي ركيزة أساسية في بناء المجتمعات وتطورها، وهي ليست فقط نصف المجتمع بل هي المساهم الفعّال في شتى المجالات الاجتماعية، الاقتصادية، والسياسية. لقد أثبتت النساء عبر العصور قدرتهن على مواجهة التحديات والتغلب على الصعاب، بدءًا من رعاية الأسرة وصولاً إلى القيادة والإبداع في مختلف الميادين. وعلى الرغم منن التقدم الذي تحقق في كثير من البلدان، لا تزال النساء في العديد من الأماكن يعانين من القمع والتمييز. ومن هنا تبرز أهمية اليوم العالمي للمرأة الذي يُحتفل به سنويًا، لتسليط الضوء على الإنجازات التي حققتها المرأة، وكذلك لتأكيد حقوقها في المساواة والعدالة، بما يعكس التزام العالم بتوفير بيئة تدعم تمكين النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم.
وككل عام، ينسب لليوم العالمي للمرأة شعارٌ يعكس الأهداف السامية لهذا اليوم الجليل. وهذا العام 2025، اختير شعار "الحقوق والمساواة والتمكين لكافة النساء والفتيات" ليكون صرخة ورسالة إلى المجتمع، وهو يعوّل على أهمية ضمان حقوق المرأة والفتيات في جميع جوانب الحياة، مع التركيز على تحقيق المساواة في الفرص والتمكين من خلال التعليم، والعمل، والمشاركة السياسية. يسعى هذا الشعار إلى تسليط الضوء على الحاجة الملحة للتغيير في المجتمع، من خلال تحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين، وتوفير الدعم اللازم للنساء والفتيات ليكون لديهن القدرة على تحقيق إمكانياتهن بالكامل.
كذلك، أوضحت الأمم المتحدة أن الاحتفال بيوم المرأة العالمي في عام 2025 يمثل لحظة هامة ومفصلية، حيث يتزامن مع الذكرى الثلاثين لإعلان ومنهاج عمل بكين، الذي يُعتبر الوثيقة الأكثر تطورًا ودعمًا لحقوق المرأة والفتيات على مستوى العالم. وتعزز هذه الوثيقة أجندة حقوق المرأة من خلال دعم الحماية القانونية، وضمان الوصول إلى الخدمات، وتشجيع إشراك الشباب في مختلف المجالات. كما تدفع نحو تغيير المعايير الاجتماعية والصور النمطية، وتحد من الأفكار التقليدية التي لا تتماشى مع تطلعات العصر الحالي.
في كلمتها أمام الجمعية العامة، دعت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، سيما بحوث، إلى تعزيز حماية النساء والمدافعات عن حقوق المرأة، مؤكدة أن قضية المساواة بين الجنسين أصبحت أكثر إلحاحًا. وأشارت إلى أن العقبات نحو المساواة أصبحت واضحة، لكن عزيمة النساء تزداد قوة. شددت على ضرورة أن تكون المرأة جزءًا من عملية صنع القرار في جميع المجالات، معتبرة أن مساواة المرأة هي الحل الأهم. كما أكدت أن الخيارات التي نتخذها اليوم ستحدد مستقبلنا، داعية إلى اختيار الحقوق والمساواة والتمكين لجميع النساء والفتيات.
من جانبه، استهل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، حديثه في الاحتفال باليوم الدولي للمرأة باقتباس من إعلان بيكين، مؤكدًا أن الاجتماع اليوم هو للمتابعة والتقدم في تحقيق "المساواة والتنمية والسلام لجميع النساء". أشار إلى أن النساء قد حققن العديد من الإنجازات، مثل تحطيم الحواجز وكسر الأسقف الزجاجية، ودخول المزيد من الفتيات إلى المدارس، وارتفاع تمثيل النساء في المناصب القيادية. ومع ذلك، حذر غوتيريش من أن هذه المكاسب ما زالت هشة، وأن العنف والتمييز وعدم المساواة الاقتصادية ما زالت مستمرة في المجتمعات. كما أشار الأمين العام إلى الهجمات على حقوق المرأة التي نشهدها حاليا في كافة أنحاء العالم، منبها إلى أن هذه التهديدات الجديدة تفاقم قرونا من التمييز. وقال: "الأدوات الرقمية غالبا ما تعمل على إسكات أصوات النساء، وتضخيم التحيز، وتأجيج المضايقات. وأصبحت أجساد النساء ساحات لمعارك سياسية. ويتصاعد العنف عبر الإنترنت إلى عنف في الحياة الواقعية". وبدلا من تعميم الحقوق المتساوية، نشهد تعميما للتعصب وكراهية النساء، لكن الأمين العام يقول إنه لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي بينما يتم تبديل مسار التقدم، بل "يجب أن نقاوم".
بالإضافة إلى ذلك، دعت الأمم المتحدة إلى توجيه رسالة إلى وسائل الإعلام، وقادة الشركات، والحكومات، بالإضافة إلى قادة المجتمع والمجتمع المدني، وكذلك الشباب والأفراد المؤثرين، من أجل اتخاذ الإجراءات المناسبة في مجتمعاتهم. كما حثت على ضرورة أن يلتزم القادة بالعمل والاستثمار في تعزيز حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، إلى جانب نشر القصص والرسائل التي تحتفل باليوم العالمي للمرأة على المنصات الرقمية، باستخدام هاشتاج #ForAllWomenAndGirls بهدف تحفيز النقاشات وإلهام العمل الفعّال.
ولا مناص من القول أن اليوم العالمي للمرأة في 8 آذار مارس يعد فرصة لتكريم وتقدير النساء في مختلف أنحاء العالم، مؤكداً على أهمية المساواة في الحقوق والفرص. ومن خلال الشعار هذا العام "الحقوق والمساواة والتمكين لكافة النساء والفتيات"، تدعو الأمم المتحدة والمجتمع الدولي جميع الفئات إلى اتخاذ خطوات ملموسة نحو تعزيز حقوق المرأة وضمان تمكينها في جميع مجالات الحياة. كما أن الاحتفال بالذكرى الثلاثين لإعلان ومنهاج عمل بكين يشكل تذكيرًا مستمرًا بضرورة تغيير الأفكار التقليدية وتعزيز الحماية القانونية وفرص المشاركة في العمل والمجتمع. من خلال هذه المبادرات، يمكننا بناء عالم أكثر عدلاً ومساواة، حيث تتمكن النساء والفتيات من تحقيق إمكانياتهن بالكامل.
في الختام، يُعد اليوم العالمي للمرأة فرصة حاسمة لتسليط الضوء على الإنجازات الهائلة التي حققتها النساء في كافة المجالات، وللتأكيد على ضرورة استمرار النضال من أجل تحقيق المساواة والعدالة. لكن، هل يمكن أن نحتفل فعلاً بهذه الإنجازات في ظل التحديات التي ما زالت تواجهها النساء؟ هل يمكننا حقًا الحديث عن المساواة في عالم لا تزال فيه الفوارق الجندرية عميقة؟ فكل عام نحتفل، ولكن هل نحن على استعداد للقيام بالخطوات الجادة التي تضمن حقوق النساء وتلغي التمييز بشكل حقيقي؟ دعونا نطرح هذا السؤال ونتحدى أنفسنا بالإجابة عليه، لأن التغيير الحقيقي يبدأ عندما نجرؤ على مواجهة الواقع بشجاعة وبدون تردد.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية