خطر صامت في التربة: معادن ثقيلة تهدد غذاء 1.4 مليار إنسان

13:16
18-04-2025
خطر صامت في التربة: معادن ثقيلة تهدد غذاء 1.4 مليار إنسان

في ظل تزايد الضغوط على الموارد الطبيعية وتنامي الحاجة إلى ضمان أمن غذائي عالمي مستدام، تبرز قضية تلوث التربة كأحد التحديات البيئية الخطيرة التي تهدد صحة الإنسان وسلامة النظم البيئية. فبينما تُعد الأراضي الصالحة للزراعة أساس إنتاج الغذاء ومصدر رزق لمليارات البشر، يكشف العلم الحديث عن أخطار صامتة كامنة في عمق التربة، تتجسد في المعادن الثقيلة التي تتسلل إليها بفعل عوامل طبيعية وأخرى بشرية. وفي هذا السياق، جاءت دراسة علمية حديثة لتسلط الضوء على حجم هذا التهديد العالمي، محذرة من أن نسبة كبيرة من الأراضي الزراعية باتت ملوثة بمستويات مقلقة من هذه العناصر السامة.

في التفاصيل، حذّرت مجموعة من العلماء اليوم الخميس من أن ما بين 14 و17% من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم ملوّثة بنوع واحد على الأقل من المعادن الثقيلة، وهو تلوّث يشكّل تهديدًا مباشرًا على صحة البشر ما يصل إلى 1.4 مليار شخص حول العالم. وجاء هذا التحذير ضمن دراسة جديدة نُشرت في مجلة "Science"، وتُعد من أوائل الدراسات التي تقدم نظرة شاملة للتلوث بالمعادن الثقيلة من خلال تحليل تلوي ضخم شمل أكثر من 796 ألف عينة تربة مستندة إلى دراسات سابقة.

واعتمد الباحثون في تحليلهم على خوارزميات متقدمة وأدوات ذكاء اصطناعي لتحليل البيانات وضمان دقتها وتمثيلها الجغرافي. وركز الفريق، الذي قاده ديي هو، المتخصص في العلوم البيئية من جامعة تسينغهوا في الصين، على تقييم مدى تلوّث التربة بسبعة معادن ثقيلة من بينها الزرنيخ والكادميوم. ووجدوا أن نسبة كبيرة من الأراضي الزراعية تحتوي على مستويات من هذه المعادن تتجاوز الحدود المسموح بها للصحة البشرية وللاستخدام الزراعي.

تُعد المعادن الثقيلة سامة للإنسان والحيوان والنبات حتى بجرعات صغيرة، وقد تتراكم في السلاسل الغذائية والمياه وتؤثر على النظم البيئية بشكل خطير. وتنتج هذه الملوثات إما من مصادر طبيعية، كتركيبة الصخور الجيولوجية، أو من النشاط البشري، مثل المخلفات الصناعية والتعدينية واستخدام الأسمدة والمبيدات الكيميائية في الزراعة.

وبحسب الدراسة، يعيش ما بين 900 مليون و1.4 مليار شخص في مناطق تعتبر عالية الخطورة من حيث التعرض لهذا النوع من التلوث. وعلى الرغم من أهمية النتائج، أشار الباحثون إلى أن نقص البيانات، وخصوصًا في قارة إفريقيا، يشكل عقبة كبيرة أمام فهم الصورة الكاملة لحجم التلوث. ولذلك، فإن هذه النتائج، رغم أهميتها، "غير كافية" لوضع سياسات دقيقة للتخفيف من المخاطر، لكنها تمثل "جرس إنذار" لصناع القرار والمزارعين حول العالم.

في هذا السياق، وفي تعليق على الدراسة، قال واكين نيغاسا، كيميائي التربة في معهد جيمس هوتون، إن "المدى الحقيقي لتلوث التربة العالمي قد يكون أكبر بكثير مما تم رصده، بسبب محدودية البيانات المتوفرة من مناطق عديدة".

 

المصدر: info3