مسلسلات 2017:"هل تُعتبر دراما 2017 أتت لصالح هيبة تيم حسن؟!"
مع اقتراب نهاية العام 2017 لا بد من القيام بجولة شاملة حول المسلسلات التي تم عرضها عبر الشاشة الصغيرة خلال هذا العام، علماً أنّ معظم هذه المسلسلات تم عرضها خلال الموسم الرمضاني، وبالطبع لن نستطيع حصر جميع الأعمال الدرامية في عام كامل ببضعة أسطر لذا سنلقي الضوء على أبرزها.
والبداية مع مسلسلات الفانتازيا الدرامية لهذا العام، وقبل ذلك علينا أن نشرح معنى الفانتازيا لأنها مفهوم جديد نوعاً ما في الدراما العربية (السينما العربية شهدت عدداً قليلاً جداً من هذا النوع)، فالفانتازيا هي تناول الواقع الحياتي من رؤية غير مألوفة، ما يعني أن هنالك شكاً في عالم الرواية إن كان ينتمي إلى الواقع أم يرفضه حيث تُعد الفانتازيا نوعاً أدبياً يعتمد على الأشياء الخارقة للطبيعة كعنصر أساسي للحبكة الروائية، والفكرة الرئيسية، وأحياناً للإطار الروائي (مثل ملحمة الإلياذة والأوديسة).
وفي عام 2017، شاهدنا مسلسلا سوريا من نوع الفانتازيا التاريخية ألا وهو مسلسل أوركيديا الذي يتحدث عن صراع مميت بين ثلاث ممالك هي مملكة أوركيديا، مملكة سمارا ومملكة أشوريا،وهو بطولة النجوم: سلوم حداد، جمال سليمان، باسل خياط، سلافة معمار، عابد فهد، قيس الشيخ نجيب، معتصم النهار وإيميه صياح، تأليف عدنان العودة، وإخراج حاتم علي. وجاء الحوار في هذا المسلسل باللغة الفصحى. وقد أثير جدلاً واسعاً بسبب هذا العمل بعدما تبرّأ منه مؤلفه عندما وجد أنّ المخرج يقوم بتشويه نصّه بحسبما صرّح سابقاً. ولو أردنا تقييم هذا العمل سنجد أنّ الآراء حوله إنقسمت بشكل متباين، فالرأي الأول إعتبر "أوركيديا" قد شكّل علامة فارقة في مسار الدراما السوريّة لهذا العام، نظراً لأنّه يجمع ألمع النجوم في عملٍ واحد وهو أمر نادر الوجود في السنوات الأخيرة، والرأي الثاني إعتبر هذا المسلسل هو نسخة عربية للمسلسل الأميركي الشهير Game of Thrones أي صراع العروش. ونحن بدورنا نعتقد أنّ أوركيديا إرتكز بفكرته الأساسية على فكرة المسلسل الأميركي المذكور حيث تناول موضوع صراع العروش بإطار الفانتازيا وذلك ما يعكس نوعاً ما الواقع السياسي الذي تعيشه البلدان العربية وصراع الحكّام فيه من أجل مناصبهم، لكن إفتقد هذا العمل لحبكة درامية تجذب المشاهد وتشعره بالحماس لمتابعته!
ونستمر مع أعمال الفانتازيا لعام 2017، ونذكر مسلسل "خلصانة بشياكة" الذي يصنّف تحت نوع دراما الفانتازيا الكوميدية،وتدور احداث المسلسل في إطار كوميدي فانتازي حول صراع بين الرجال والنساء، يتحول لحرب عالمية ثالثة، وهو من بطولة أحمد مكي، دينا الشربيني وغيرهم، تأليف مصطفى عمر وإخراج هشام فتحي. وهذا العمل لم يشهد أي إنتشار عربي، ولا بد من الإشارة إلى أنّ بطله الممثل أحمد مكي حاول من خلاله الخروج من دور الرجل الصعيدي في مسلسل "الكبير أوي" الذي قدّم منه خمس أجزاء في المواسم الرمضانية الماضية.
ومن مسلسلات الفانتازيا الكوميدية، سنلقي الضوء على مسلسلات الكوميديا السوداء ولعل أبرزها هذا العام هو المسلسل الخليجي "سيلفي" بجزئه الثالث من بطولة ناصر القصبي الذي إستطاع خرق "تابو" إجتماعي في دول الخليج للحديث عن التنظيمات الإرهابية من زاوية مزجت بين الدين والكوميديا الهادفة بطريقة راقية وذكية رغم الإنتقادات التي تعرّض لها.
وبالحديث عن المسلسلات التي سلّطت الضوء على التنظيمات الإرهابية لا بد أن نتحدث هنا عن مسلسليْن ألا وهما: غرابيب سود و شوق. فمسلسل غرابيب سود إرتكز في قصته على أحداث واقعية، جرت داخل معسكرات تنظيم إرهابي وجمع نجوم دراما من سبع دول عربية، وهذا المسلسل أثار الجدل عندما تفاجأ الجمهور بتوقّف عرضه بعد نهاية الحلقة العشرين، وحينها أشارت بعض المصادر إلى أنّ المسلسل مؤلفاً فقط من عشرين حلقة وتعمّد أن تكون النهاية مفتوحة فيما أشارت مصادر أخرى إلى أنّ المحطة التلفزيونية إضطرت على إيقافه. وفي تقييم سريع لهذا العمل نجد أنّه حمل رسالة توعوية للمجتمع العربي في عدم تصديق من يتخفّى وراء شعارات دينية إلا أنّ المسلسل تخلل العديد من المَشاهِد القاسية بسبب العنف المستفز لعين المُشاهِد ورغم أنّه في حلقاته الأولى حقق نسبة مشاهدة عالية لكن فيما بعد بدأنا نشعر بأنّه أقرب إلى المسلسل الوثائقي دون وجود حبكة درامية.
أما مسلسل شوق الذي جمع العديد من النجوم أمثال: منى واصف، نسرين طافش، باسم ياخور، سوزان نجم الدين، أحمد الأحمد، زياد برجي وغيرهم، تأليف حازم سليمان وإخراج رشا شربتجي، لقد إرتكز هذا المسلسل على عدة خطوط درامية، كان أبرزها تسليط الضوء على الأحداث التي تجري مع النساء "السبايا" داخل معسكرات التنظيمات الإرهابية بصورة مختلفة عما رأيناه في غرابيب سود، كما تناول عدة خطوط درامية أخرى مثل: الحرب وتوابعها وفئة المستفيدين والمتضررين منها، مع خط درامي عاطفي لعدة قصص حب في المسلسل فضلاً عن خط درامي ثالث تمثّل بمعاناة بطلة المسلسل من مرض الزهايمر. وهذا العمل يُعد ضمن أنجح الأعمال لهذا العام.
وهناك مسلسلات أخرى سلّطت الضوء على الحرب في سوريا مع خطوط درامية متنوعة ونذكر منها مسلسل مذكرات عشيقة سابقة ويعد هذا العمل هو أول مشاركة للفنانة نيكول سابا في الدراما السورية وهو من بطولتها إلى جانب باسم ياخور، طوني عيسى، شكران مرتجي، كاريس بشار وآخرين، من تأليف نور شيشكلي وإخراج هشام شربتجي. وهو من الأعمال العربية القليلة التي شاهدناها خارج الموسم الرمضاني.
وننتقل للمسلسلات الكوميدية المصرية، وكان أبرزها هذا العام مسلسل "في اللالالاند" من بطولة الممثلة دنيا سمير غانم وعدد من النجوم إلى جانب الفنان القدير سمير غانم، تأليف مصطفى صقر وإخراج أحمد الجندي.وتمحور حول مجموعة من الشباب الذين يسافرون إلى إندونيسيا، لكن تحدث بعض المشكلات التى تؤدي إلى عطل في محركات الطائرة، والتي يضطر قائدها لتغيير مسارها، والهبوط بهم إضطرارياً في أحد جزر تايلاند، ويحاولون أن يخرجوا من الجزيرة بأي طريقة، مما يعرضهم للعديد من المشاكل والمواقف الكوميدية.
أيضاً مسلسل "هربانة منها" الذي يعتبر من نوع الكوميديا، بطولة ياسمين عبد العزيز، وتدور أحداثه بحلقات منفصلة بحيث أنّ كل حلقة تناقش موضوع مختلف.
ولا يمكننا الحديث عن مسلسلات هذا العام دون ذكر مسلسل حلاوة الدنيا الذي جسّد فيه بطليْه، هند صبري وظافر العابدين، دور مرضى السرطان،وهو تأليف مجموعة من الكتاب الجُدد تحت إشراف السيناريست تامر حبيب، إخراج حسين المنياوي. وما ميّز هذا العمل أنه لم يحمل طابع سوداوي رغم الحديث عن مرض السرطان إنما رأينا كيفية مواجهة هذا المرض بأمل وتفاؤل مع قصة حب مشوّقة وقوة تماسك أفراد العائلة والأصدقاء لمواجهة كل الصعاب. ونشير إلى أنّ مسلسل "لأعلى سعر" تأليف د.مدحت العدل، وإخراج محمد العدل، بطولة نيلي كريم، أحمد فهمي وزينة، حقق أصداء إيجابية. أما مسلسل واحة الغروب، بطولة خالد النبوي ومنة شلبي، تأليف مريم نعوم، إخراج كاملة أبو ذكرى،جعلنا نشاهد قصة مختلفة تماماً عن كل ما عُرض هذا العام كما أنّه سلّط الضوء على منطقة "سيوه" التي لا يعرفها كافة مشاهدي العالم العربي، وتدور الأحداث عن قصة ضابط البوليس المصري (خالد النبوي) الذي يتم نقله إلى واحة سيوة؛ بعد أن اتهم بممارسته لبعض الأفكار الثورية، فيتوجه إلى هناك مصطحباً معه زوجته الأجنبية (منة شلبي) الشغوفة بالآثار المصرية، حيث يبدآن تجربة جديدة يُمزج فيها الماضي بالحاضر، والشرق بالغرب على المستويين الإنساني والحضاري.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نشير إلى أنّ بعض المسلسلات حققت نجاحاً متميزاً رغم أنّ أبطالها ليسوا من نجوم الصف الأول – إن صح التعبير- فمثلاً إستطاع الممثل ياسر جلال أن يبهرنا بأداء تمثيلي عالٍ جداً في مسلسل ظل الرئيس وكأنه وظّف كل سنوات خبرته الفنية لتجسيد هذا الدور، أيضاً شاهدنا مسلسلات مثل "لا تطفئ الشمس" و"سابع جار" من بطولة وجوه شبابية جديدة فضلاً عن نجوم آخرين معروفين. وهذه الوجوه الشبابية كسبت الرهان في نجاح تلك الأعمال وأكدت على أنّ نجاح المسلسل لا يقتصر فقط على نجوم الصف الأول.
وفيما خص المسلسلات المصرية التي شاهدناها هذا العام خارج الموسم الرمضاني نذكر مسلسل بين عالمين،بطولة طارق لطفي، لقاء الخميسي، هشام سليم وغيرهم، تأليف أيمن مدحت، إخراج أحمد مدحت.
ومن المسلسلات التي لم تكن على قدر التوقعات نذكر مسلسل عفاريت عدلي علام للزعيم عادل إمام، وكذلك الأمر بالنسبة لمسلسليْ الحساب يجمع لبطلته يسرا ومسلسل أرض جو بطولة غادة عبد الرازق، كما أنّ مسلسل الحرباية لبطلته النجمة هيفاء وهبة فبالرغم من أنّ أدائها كان متقناً ضمن قصة درامية بمستوى جيد إلا أن هذا العمل لم يصل لقدر النجاح الفائق الذي وصلت له هيفاء بمسلسل "مريم".
ولا شك في أنّ أقوى مسلسلات هذا العام هو مسلسل الهيبة الذي تجرّأ فيه كاتبه هوزان عكو على الدخول إلى حياة فئة من الناس موجودة في مجتمعنا اللبناني وتشكّل عالم خاص بها لا يستطيع أحد خرقها، وهو من إخراج سامر البرقاوي، بطولة تيم حسن، نادين نسيب نجيم، منى واصف، أويس مخللاتي، عبدو شاهين وغيرهم. وهذا المسلسل جمع كل مقوّمات النجاح بين القصة، الأداء التمثيلي، السيناريو، الحوار، والإخراج رغم بعض الإنتقادات التي طالته. ولا بد من الإشارة إلى أنّ هذا العمل شكّل حديث الناس على مواقع التواصل الإجتماعي خاصة جملة بطله الشهيرة "لا تهكلوا للهم" و يا "إبن عمي"، فضلاً عن أغنية تتر المسلسل التي حققت نجاحاً باهراً لغاية اليوم ألا وهي أغنية "مجبور" بصوت النجم ناصيف زيتون، كلمات علي المولى، ألحان فضل سليمان وتوزيع جيمي حداد.
فهل يمكننا القول بأنّ عام 2017 الدرامي كان لصالح "الهيبة" وأبطاله؟!
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية