نتفليكس والمسلسلات الأونلاين... موضة رائجة للتسويق أم أزمة إنتاج في زمن نيو ميديا؟!

13:00
19-06-2021
أميرة عباس
نتفليكس والمسلسلات الأونلاين... موضة رائجة للتسويق أم أزمة إنتاج في زمن نيو ميديا؟!

كلّما سادت موضة ما نجد أكبر كم من الأفراد حول العالم اتّبعوا هذه الموضة التي تكون في أغلب الأحيان بهدف التسويق لفكرة أو رأي أو حتى ثقافة لمجتمع معيّن، وذلك بحسب ما نستخلصه من الأب الروحي للتسويق الحديث "فيليب كوتلر" الذي يقول في كتابه "كوتلر يتحدث عن التسويق" بأنّ الأشياء القابلة للتسويق تشمل أكبر من المنتجات والخدمات إذ يمكن أن يُسوِّق المرء للناس، الأفكار والتجارب... وإذا أردنا تطبيق هذه النظرية التسويقية على الدراما السائدة في بلادنا سنجد أنّ هناك تسويق لنوع جديد من الدراما ألا وهي المسلسلات "الأونلاين".

بعد موضة المسلسلات المكسيكية مع إنطلاقة القنوات الفضائية خلال حقبة التسعينات (إزميرالدا، ماريا مرسيدس، ماريا إبنة الحي، كاسندرا إلخ...)، ثمّ رواج المسلسلات التركية في الحقبة التالية (نور، العشق الممنوع، سنوات الضياع، وادي الذئاب، حريم السلطان...)، وُلِد مؤخراً زمن نيو ميديا وإنطلقت معه المسلسلات الأونلاين عبر المنصات الإلكترونية أبرزها "نتفليكس" وتُقابلها في العالم العربي راهناً منصة "شاهِد" التابعة لشبكة قنوات MBC السعودية... وبات العديد من المُشاهِدين في العالم العربي يتحدثون عن مدى متابعتهم لمسلسلات "نتفليكس" حتى إخترقت هذه المنصة أحاديث الشباب العربي والبعض منهم يصف نفسه بعبارة "أنا مدمن نتفليكس".
إن أردنا معرفة الأسباب الكامنة وراء تعلّق المُشاهِد بمسلسلات هذه المنصة، فسنجد أنّ السبب الرئيسي هو تفضيله مشاهدة الأعمال الدرامية "الأونلاين" بما يتلاءم مع وقته دون التقيّد بمواعيد عرضها عبر الشاشة التلفزيونية، إلى جانب جودة صناعة الدراما أو الجودة الإنتاجية للأعمال الغربية التي تعرضها المنصة المذكورة، وذلك في ظل ما تعاني منه الدراما العربية راهناً من أعمال تجارية بأغلبها. فضلاً عن أسباب أخرى، منها الترفيه من خلال أعمال المنصة كي يتناسى المُشاهِد العربي الوضع المرير في معظم بلادنا، أيضاً لملئ وقت الفراغ في ظل الحجر المنزلي خلال الشهور المنصرمة بسبب جائحة كورونا.

في سياق متصل منفصل، أدركت القنوات التلفزيونية العربية لا سيّما شبكة قنوات MBC السعودية ما يحصل على أرض الواقع في سوق الدراما الإلكترونية، لذلك وضعت خطة تنفيذية لعرض مسلسلات عربية على الطريقة الأونلاين من خلال منصة "شاهِد" خاصة بعدما بدأت "نتفليكس" بعرض بعض المسلسلات والأفلام العربية، واللافت أنّ التحضيرات التي سبقت تنفيذ هذه الخطة تزامنت مع قرار الشبكة المذكورة لِوقف عرض المسلسلات التركية عبر شاشات MBC عام 2018 حيث صرح وقتذاك المتحدث الرسمي السابق بإسم مجموعة MBC السيد مازن حايك، بأنّ قرار إيقاف المسلسلات التركية يشمل العديد من القنوات التلفزيونية الإقليمية، ويتخطى كوْنه قراراً مهنياً وتجارياً بحتاً، وهذه خطوة مناسبة للتشجيع على إنتاج المزيد من الأعمال الدرامية العربية، وعرضها على مختلف الشاشات العربية.

هذا وصولاً إلى المرحلة الحالية التي تنشط فيها المسلسلات عبر منصة "شاهِد" التي تستعد لعرض عدة مسلسلات جديدة منها: البريئة، دور العمر، صالون زهرة. مع العلم أنّ هناك تجارب خجولة سابقة لعرض مسلسلات عبر يوتيوب فقط نذكر منها المسلسلات السورية: "بدون قيد"/ عام 2018، فكرة، تأليف وتصميم ربيع سويدان ومروان حرب، إخراج أمين درة، قصة رافي وهبي وباسم بريش، سيناريو وحوار باسم بريش، "الشك"/ رمضان 2018 وهو من تأليف سيف رضا حامد، إخراج مروان بركات، بطولة: بسام كوسا، صفاء سلطان، ديمة قندلفت، أحمد الأحمد ومحمود نصر.

من جانب آخر، لا يمكن حصر الحديث عن المسلسلات الأجنبية على "نتفليكس" والعربية على " شاهِد" إنطلاقاً من كونها مجرّد موضة، إنما لا بد من الإشارة إلى أزمة الإنتاج في زمن نيو ميديا وما يرافقها من أزمات إعلانية في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية في المنطقة خاصة مع الجهود الإنتاجية الفردية دون دعم القطاع العام لها، لهذا السبب، حاول صنّاع الدراما والترفيه الإستفادة من طرح مسلسلات جديدة على الطريقة "الأونلاين" كي تكون تلك الأعمال متوفّرة حصرياً عبر تطبيقات ومنصّات إلكترونية ما يدر عليهم بالأرباح الرقمية (ديجيتال) قبل عرضها على الشاشة المتلفزة، كما يُوفّر عليهم أعباء التوزيع والتسويق للمحطات التلفزيونية في حال الإكتفاء بالعرض عبر الانترنت.

في الختام، يبقى السؤال الذي يطرح نفسه، هل ستندثر المسلسلات الأونلاين بشكل تدريجي مثلما إنتهت موضة المسلسلات التركية والمكسيكية أم أنّ زمن نيو ميديا سيبقى فارضاً على صنّاع الدراما ومُشاهِديها هذا النوع من الدراما الحديثة؟!