"الجهّال حاكمين والأوادم عم تموت" أغنية تشبه واقعنا رغم مرور 80 عام على طرحها!

9:00
28-06-2020
أميرة عباس
"الجهّال حاكمين والأوادم عم تموت" أغنية تشبه واقعنا رغم مرور 80 عام على طرحها!

لعلّ عبارة "يا ضيعان هالبلد" هي الأكثر تداولاً على أَلْسِنة الشعب اللبناني في ظل الأزمات التي يمر بها لبنان خلال الفترة الراهنة جرّاء استشراء الفساد وتدهور الوضع الإقتصادي حتى باتت شوارع العاصمة بيروت وسائر المناطق اللبنانية شبه خالية من الحياة إذ لم تعد تكتظ بالحركة السكانية والتجارية والسياحية المُعتادة -ليس بفعل جائحة كورونا فحسب- إنّما بسبب الأزمة المالية العصيبة التي نمر بها، إلّا أنّ لبنان سبق وواجه أزمات شبيهة جعلته يمر بتحوّلات إقتصادية ومالية، وبما أنّ الفن هو أفضل وسيلة او أداة لتوثيق الأحوال الاجتماعية على مر السنوات، نستذكر هنا أغنية وصفت الوضع المأساوي الذي عانت منه بيروت منذ حوالي ثمانين عاماً ألا وهي أغنية "بيروت يا ضيعانك" التي تُعد من التراث البيروتي، وهي تشبه واقعنا المرير إلى حد كبير.

هذه الأغنية هي للفنان اللبناني الشعبي عمر الزعنّي (1895-1961)، وهو كان ملقّباً بشاعر الشعب لأنه كان يكتب قصائد ومونولوج بلغة بسيطة ومفهومة لدى جميع الطبقات الإجتماعية، وإتسمت كتاباته بالإنتقاد لرجال السياسة عندما كانت تمر البلاد بفترات عصيبة حيث تمّ الإعلان حينذاك عن دولة لبنان الكبير، وكان الزعني من أوائل فناني هذه الحقبة في الدولة الحديثة، لذلك عكست أغنياته الأوضاع الشعبية في هذه المرحلة الإنتقالية التي عاشها الوطن، بالرغم من أنّه كان يشغر إحدى الوظائف في الدولة نظراً لتحصيله العلمي في دراسة مجال الحقوق، والزعني هو صاحب أغنية "بدنا بحرية يا ريس" التي إقتُبِست منها فيما بعد أغنية "عندك بحريّة" للعملاق الراحل وديع الصافي، من كلمات الشاعر ميشال طعمة، وألحان موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب.

فيما خصّ أغنية "بيروت يا ضيعانك"، نستعرض بعض كلماتها:" بيروت زهرة في غير أوانها بيروت ما حلاها وما حلا زمانها بيروت يا حينها ويا ضيعانها تدبل على أمها وتموت بيروت... ما في عمل ما في أمل بَرَك الجَمل ركب النّحس تجّار بيروت... الجهّال حاكمين والأرذال عايمين والأنذال عايشين والأوادم عما تموت يا ضيعانك يا بيروت الخاين حامل نيشان والسافل إلو قدر وشان والجاهل شبعان رويان والعالم لايب عالقوت يا ضيعانك يا بيروت...".

هَدَف الزعني من خلال هذه الأغنية وَصْف حال بيروت والشعب اللبناني عامة خلال حقبتيْ الثلاثينات والأربعينات إذ كانت تمر البلاد والمنطقة عامة بتحوّلات جذرية حيث ناهض الزعني من خلال الأغنية المذكورة الإنتداب وتدهور الإقتصاد وإنتشار الفساد الإداري والإجتماعي، مثلما عاد وإنتقد في أغنيات أخرى العهد الإستقلالي الأول حتى سُجن بسبب ذلك في مطلع الخمسينات.

لذا، لقد أتت أغنية "بيروت يا ضيعانك" كي تعكس المرارة الواقعية التي واجهها اللبنانيّون آنذاك والتي تتشابه مع ما نُعاني منه خلال الحقبة الراهنة، فهي خيْر توصيف لحالنا اليوم!

علماً أنّ هذه الأغنية أعاد الفنان اللبناني أحمد قعبور طرحها بِنسخة مُجدّدة بصوته تكريماً لهذا العمل الغنائي الذي يحمل قيمة فنية هامّة لشاعر الشعب عمر الزعنّي.