على غرار فادي ابراهيم... فنانون لبنانيون يعجزون عن تأمين تكلفة علاجهم
فاقمت الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يشهدها لبنان معاناة فنانين متقدمين في السن يعجزون بسبب تراجع مدخولهم عن تأمين تكلفة علاجهم في حال مرضوا على غرار ما حصل مع الممثل اللبناني فادي ابراهيم، أحد أبرز وجوه الشاشة اللبنانية.
وقد شغلت صحة ابراهيم الأوساط الفنية ومنصات التواصل الاجتماعي بعد بتر ساقه لمضاعفات إصابته بالسكري، ونشأت موجة تعاطف واسعة معه، تجلّت في إقبال كبير على حملة التبرعات التي أطلقتها نقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون في لبنان لإكمال علاجه.
ولاحظ النقيب نعمة بدوي أن "تكاتف الممثلين كان لافتاً" مع ابراهيم الذي تولى بطولة عشرات المسلسلات المحلية، وأشهرها "العاصفة تهب مرتين" قبل ثلاثة عقود، وصولاً إلى "للموت 2" أخيراً. وقال إن "فنانين ومنتجين وأصحاب محطات تلفزيونية وقفوا الى جانب" الممثل الذي يخضع دورياً إلى جلسات غسل كلى.
وأعلن بدوي في تصريح لوكالة فرنس برس وقف التبرعات بعد "تكفّل وزارة الصحة علاج غسل الكلى" ً، موضحاً أن مساهمات "من مؤسسات وأصدقاء" ستموّل العلاجات الإضافية التي سيحتاجها الممثل، بعدما تجاوزت تكلفة استشفائه سقف عقد التأمين.
ودفعت قضية فادي ابراهيم مجلس النقابة الى اتخاذ قرار بإنشاء صندوق تبرع للدعم الصحي ضمن إمكانيات الزملاء،.
وبات مكتب بدوي في بيروت في الآونة الأخيرة بمثابة عيادة "يتناوب فيها مجموعة من الأطباء من اختصاصات متعددة على تقديم معاينات للفنانين من دون مقابل"، كما تؤمّن الأدوية المفقودة.
وفيما علَت أصوات عدة منتقدةً عدم توفير الحكومة دعماً للممثلين في تغطية نفقاتهم الصحية، قال وزير الثقافة اللبناني محمد وسام المرتضى إن التشريعات "لا تولي هذا الدور لوزارة الثقافة". وأشار إلى أن الوزارة "رتّبت شيئاً" لفادي ابراهيم، وأضاف "نحن معنيون بهذا الجانب معنويا وليس وظيفيا".
ولاحظ أن "من لا يستطيع تأمين العناية الصحية اللازمة يعيش أزمة كرامة"، مؤكداً أن "وزارة الثقافة تحاول في هذه الظروف الصعبة أن تؤدي دورا على مستوى الحفاظ على كرامة الفنان".
وحال فادي ابراهيم وعدم قدرته على تأمين نفقات علاجه، هي حال ممثلين كثر آخرين يعانون العوَز من جرّاء عدم حصولهم على أي أدوار تتيح لهم تأمين لقمة عيشهم، سواء بفعل الأزمة الاقتصادية، أو لعدم الطلب عليهم بسبب تقدّمهم في السن في حين لا تزال ودائع اللبنانيين محتجزة في المصارف.
ومن بين نحو 700 فنان منتسبين إلى نقابة الممثلين، ثمة "نسبة تراوح بين 15 و20 في المئة، من دون عمل، وما بين 100 و150 ممثلاً في سن متقدمة تخلى المنتجون عن خدماتهم، وباتوا من دون موارد".
واقامت مؤسسة "تكريم" حفلة خُصص ريعها لـ"نحو مئة ممثل لبناني يعيشون تحت خط الفقر" مع تراجُع شهرتهم وتقدمهم في السن، على ما قال رئيس المنظمة الإعلامي اللبناني ريكاردو كرم. وأوضح أن هذا الواقع عائد إلى "تراجُع كبير للصناعة التلفزيونية والإنتاج".
وأسف بدوي لكون "الإنتاج شبه غائب على المحطات التلفزيونية" اللبنانية الثمانية، مع أنها "ملزمة بحسب قانون الاعلام المرئي والمسموع إنتاج مسلسل محليّ او اثنين سنوياً". وشدد على ضرورة "تطبيق القانون كي لا يبقى اي ممثل في منزله".
وقال إن "من يشاهد بعض المحطات اللبنانية يشعر أنه في اسطنبول "، معلّقاً على طغيان الأعمال التركية المدبلجة على الشاشات، بدلاً من الإنتاج المحليّ.
واستغرب بدوي "استبعاد الممثلين المتقدمين في السن" عن الأعمال المحلية الموجودة، مناشداً المنتجين توفير "فرص عمل" للمنتسبين إلى النقابة تؤمّن لهم "الاستمرارية".
من هؤلاء مثلاً، المخرج والممثل الثمانيني فؤاد شرف الدين الذي كٌرّم أخيرا بمنحه درع "أيقونة السينما اللبنانية"، وهو في الوقت الراهن "عاطل من العمل" وفي "أسوأ حال معيشية"، ويقيم "في شاليه صغير"، ولم يجدد منذ أعوام العقد مع شركة التأمين.
وبنبرة ممزوجة بالألم، لاحظ شرف الدين الذي اشتهر بأدواره في أفلام الحركة في سبعينات القرن الفائت وثمانيناته، أن من ليس لديه مورد رزق آخر غير الفن "سينتهي به الأمر عاجزاً عن تأمين نفقات علاجه وينتظر التبرعات". حتى أن "الممثل أحيانا لا يستطيع دفع بدل اشتراكه في النقابة".
وكان يُفترض أن يشكّل صندوق التعاضد الموحد للفنانين الذي أوجده قانون صادر عام 2008 ونُظِّمَت أعماله بمرسوم عام 2012، حلاً يوفّر الدعم للفنانين، ومنهم الممثلون، إذ هو أشبه بـ"تعاونية للموظفين"، بحسب بدوي، ويقدم معاشاً تقاعدياً ومنح وفاة وزواج ومساعدات اجتماعية، ويتولى تغطية نصف سعر بوليصة التأمين الصحية للفنان ولعائلته.
ويضمّ هذا الصندوق أعضاء ثماني نقابات فنية ويُموَّل من استيفاء رسم ضريبي على العقود مع الفنانين الأجانب الذين يحيون حفلات في لبنان وآخر على قيمة البطاقات المباعة للحفلات وعروض الأعمال الفنية.
إلاّ أنّ سلسلة الظروف الصعبة التي شهدها لبنان منذ التحركات الاحتجاجية عام 2019، ومن بينها انهيار قيمة الليرة اللبنانية والأزمة الاقتصادية وجائحة كوفيد، "أثّرت سلباً في حركة المهرجانات"، وحدّت تالياً من تغذية الصندوق.
وقال بدوي "كان الصندوق يقدم مساعدة اجتماعية لمن هم فوق الثمانين بقيمة 300 ألف ليرة لبنانية، ما كان يساوي 200 دولار أميركي قبل الأزمة، لكنّ قيمتها الآن أصبحت ثلاثة دولارات". ومع تحسّن الجباية مجدداً وزيادة بدل الاشتراك، رُفعت قيمة المساعدة إلى مليوني ليرة لبنانية، فيما تسعى النقابة إلى توفير دعم أكبر للممثلين غير القادرين على تحمّل تكلفة التأمين الصحي.
المصدر: info3
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية