استخدامات تتعدى الجانب العسكري.. طائرات مسيّرة لمكافحة حمّى الضنك

9:31
26-08-2024
استخدامات تتعدى الجانب العسكري.. طائرات مسيّرة لمكافحة حمّى الضنك

تفيد الإحصاءات أن نحو 53% من سكان العالم يعيشون في مناطق معرضة لخطر انتقال حمى الضنك، على وجه الخصوص في آسيا وأفريقيا والأميركتين، مما يؤثر على أكثر من 100 دولة. ولمكافحة حمى الضنك، ابتكر الباحثون في برنامج البعوض العالمي (WMP) في أستراليا استراتيجية حديثة، تتضمن نشر بكتيريا «ولباشيا» في البعوض، التي تمنع انتقال الفيروسات. إلا أن تطبيق هذه الاستراتيجية بشكل واسع كان يمثل تحديًا بسبب الجهد والوقت اللازمين، فضلاً عن الاعتماد على الأساليب اليدوية التقليدية. وبالتالي لتنفيذ هذه العملية بدقة وأمان، طور الباحثون في برنامج البعوض العالمي WMP نظامًا آليًا لنقل البعوض باستخدام الطائرات المسيّرة، القادرة على حمل 160 ألف بعوضة بالغة. وتم نشر نتائج هذا النظام في عدد 31 يوليو (تموز) 2024 من مجلة «Science Robotics».

في التفاصيل، يمكن للنظام الآلي إطلاق البعوض على دفعات ضمن مجموعات صغيرة، وهو مزود بنظام تحكم يحافظ على البعوض في حالة تخدير وصحة جيدة حتى يتم إطلاقها في مجموعات مؤلفة من 150 بعوضة.

في إطار التجربة الميدانية الأولى في جزر فيجي جنوب المحيط الهادئ، أظهر الفريق أن الإطلاق الجوي يحقق توزيعًا متساويًا للبعوض مقارنة بالطرق التقليدية الأرضية. وفي التجربة الثانية في فيجي أيضاً، أثبتت أن عدوى «ولباشيا» انتقلت من البعوض المصاب إلى البعوض البري، وتمت العملية عن بُعد بكفاءة وأمان.

في هذا الإطار، قال الدكتور جيريمي جيلز، وهو الباحث الرئيسي في برنامج البعوض العالمي WMP، إن استخدام الطائرات المسيّرة لإطلاق البعوض يحمل العديد من الفوائد، أبرزها قدرتها على تغطية مساحات واسعة بكفاءة تفوق الطرق اليدوية. وهذا يعزز فعالية التدخلات. كما يضيف جيلز لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الطائرات تقلل من الحاجة إلى فرق أرضية كبيرة لنشر البعوض، حيث يتم ذلك عن بُعد، مما يقلل من المخاطر المرتبطة بالوصول إلى المناطق الوعرة أو غير الآمنة».

في هذا السياق، ووفقًا له، فإن الآلية الجديدة لتوزيع البعوض التي اختبرها الفريق في فيجي قد تسهم بشكل كبير في تحسين هذا النهج، وتعزيز جهود مكافحة حمى الضنك والأمراض الأخرى المنقولة بواسطة البعوض على نطاق عالمي.

والجدير بالذكر أن استخدام الطائرات المسيّرة لا يقتصر على إطلاق البعوض فقط، بل استخدمت أيضًا في السنوات الأخيرة لجمع البيانات حول التوزيع إلى جانب مواقع البعوض، مما يساعد في توجيه جهود المكافحة بدقة أكبر.

بالإضافة إلى ذلك، استُخدمت الطائرات المسيّرة لمراقبة البيئات الصعبة الوصول إليها، مثل المستنقعات والغابات الكثيفة حيث يتكاثر البعوض. وتم استخدامها أيضًا لتحديد مواقع تكاثر البعوض عبر التصوير الجوي والتصوير الحراري، كما في التجارب التي أُجريت في زنجبار وتنزانيا. وتساعد هذه البيانات في استهداف المناطق التي تحتاج إلى تدخل عاجل، سواء برش المبيدات الحشرية أو إزالة مواقع المياه الراكدة التي تشكل بيئة مناسبة لتكاثر البعوض الناقل للأمراض.

كما استعانت عدة دول، منها كندا والولايات المتحدة وروسيا، بالطائرات المسيّرة لتوزيع المبيدات الحشرية بفعالية على مساحات واسعة، بما في ذلك المناطق التي يصعب الوصول إليها بوسائل أخرى، مثل المستنقعات والمياه الراكدة. تضمن هذه الطريقة توزيعًا دقيقًا للمبيدات، مما يقلل من استخدامها المفرط ويحد من تأثيرها البيئي السلبي.

ووفقًا للباحثين، فإن الطائرات المسيّرة تتيح التدخل السريع في المناطق المتضررة من تفشي الأمراض، مما يساعد في السيطرة على الوضع بشكل أسرع وبتكلفة أقل مقارنة بالطرق التقليدية.