التكنولوجيا والمخدرات: تأثيرات متماثلة!

9:37
19-02-2025
التكنولوجيا والمخدرات: تأثيرات متماثلة!

أوضح لي فرنانديز، المتخصص في علاج الإدمان في منظمة «UKAT»، وهي منظمة تقدم خدمات إعادة التأهيل للأشخاص الذين يعانون من إدمان المخدرات والكحول والمقامرة والألعاب والإنترنت، أن إدمان التكنولوجيا، بما في ذلك الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن يؤدي إلى أعراض انسحاب مشابهة لتلك التي يعاني منها المدمنون على المخدرات.

في هذا الإطار، أشار فرنانديز إلى الزيادة الكبيرة في إدمان التكنولوجيا على مدار السنوات الخمس الماضية، موضحاً أن بعض مرضاه يقضون بين 15 إلى 17 ساعة يومياً في استخدام هواتفهم الذكية والتفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي. وقال إن هذا النمط من الاستخدام المفرط قد يؤدي إلى أعراض انسحاب شديدة عندما يحاول الشخص تقليص أو التوقف عن استخدام هذه الوسائل، تماماً كما يحدث مع مدمني المخدرات. وأضاف أن أعراض الانسحاب التي تظهر لدى مدمني التكنولوجيا تشمل التعرق، والارتعاش، والأرق، وسرعة الانفعال، والغضب.

كذلك، تحدث فرنانديز عن كيف أن الإدمان على التكنولوجيا يتطور بطريقة مشابهة للإدمان على المخدرات. فكما يبدأ الشخص في استخدام المخدرات لأغراض ترفيهية ثم يزداد اعتماده عليها تدريجياً لتكملة يومه، يحدث نفس الشيء مع استخدام الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي. قد يبدأ الفرد في استخدام هذه الوسائل للترفيه أو التواصل الاجتماعي، ولكن مع مرور الوقت يصبح من الصعب التوقف عنها، وتتحول إلى عادة يومية تسيطر على حياته.

ولفت إلى أن التفاعل المستمر مع وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى الاعتماد على ما يعرف بجرعات سريعة من الدوبامين، وهو الهرمون المسؤول عن تحسين المزاج والشعور بالراحة. إلا أن هذه الجرعات السريعة تجعل من الصعب الاستمتاع بالأنشطة الأخرى التي تعزز مستويات الدوبامين، مثل ممارسة الرياضة أو القراءة، لأنها تتطلب وقتًا وجهدًا أكبر.

ولا يفوتنا أن ننوّه أنّه لتجنب الوقوع في فخ إدمان التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، من الضروري أن يتبنى الأفراد أسلوب حياة متوازن، يعتمد على تحديد أوقات محددة لاستخدام هذه الوسائل. أولاً، يمكن تحديد أوقات معينة خلال اليوم لاستخدام الهواتف الذكية، مثل تخصيص وقت في الصباح أو المساء، مع تجنب استخدامها في الأوقات التي تحتاج فيها إلى التركيز مثل أثناء العمل أو الدراسة. ثانياً، من المفيد استبدال بعض الأنشطة التكنولوجية بأنشطة أخرى تعزز الدوبامين بشكل طبيعي، مثل ممارسة الرياضة أو القراءة أو التواصل الشخصي مع الأصدقاء والعائلة. ثالثاً، يجب تشجيع الأطفال على تقليل الوقت الذي يقضونه أمام الشاشات من خلال وضع قواعد مرنة وتنظيم أوقات استخدام الأجهزة الرقمية. كما يمكن استخدام تطبيقات تساعد على مراقبة الوقت المستخدم على الهواتف والتواصل الاجتماعي. وأخيرًا، تعزيز الوعي بأهمية الراحة العقلية والنفسية يمكن أن يساعد الأفراد في التعرف على التهديدات المرتبطة بالإفراط في استخدام التكنولوجيا والتعامل معها بوعي أكبر.

في الختام، شدد فرنانديز على أنه لا يدعو إلى حظر وسائل التواصل الاجتماعي أو التكنولوجيا، ولكن ينصح الآباء بمراجعة الوقت الذي يقضيه أطفالهم في استخدام هذه الوسائل. وأكد أن من المهم أن تكون هناك توازنات صحية في استخدام التكنولوجيا لضمان أن لا تتحول إلى عبء يؤثر على حياة الأفراد اليومية.