تعرّف على أغنيات "المراسيل" العاطفية التي أصبحت تراثاً موسيقياً !
لطالما شكّل الفن أداة للتعبير وغالباً ما يتم إقتباس موضوعات الأغنيات الرومانسية من العلاقات العاطفية السائدة في المجتمع، لذا تختلف الأغنيات بإختلاف العلاقات وتطوُّر الكون من حولنا! وفي الأسطر التالية سنبحث في أعمال غنائية وسط تساؤل عما لو كان هناك أغنيات تعبّر عن الحب ترعرعنا عليها وما زالت تُطربنا إلا أنها لم تعد تناسب العلاقات العاطفية ولا تصلح في الزمن الإلكتروني المُعاصر!
في زمن الحب الأفلاطوني حينما كان التواصل صعباً بين العشاق، كان العاشق المتيّم يرسل إلى حبيبته رسالة تتضمّن كلمات مفعمة بالشوق وينتظر منها رداً بجواب آخر على طريقة الفنان القدير صباح فخري عبر أغنية "إبعتلي جواب"، وهذه الأغنية هي واحدة من أشهر القدود الحلبية التي تعرّف إليها الجمهور من خلال العملاق صباح فخري لكن قلّما أحداً يعرف بأنّ هذه الأغنية هي لفنان إشتهر في نطاق حلب خاصة وسوريا عامة ألا وهو الراحل صبري مدلّل وقد اشترى الراحل لحن "إبعتلي جواب" من الشيخ بكري الكردي بمبلغ وقدره خمس ليرات، أما كلماتها فقد كتبها حسام الدين الخطيب وهي تقول:" ابعتلي جواب جواب جواب وطمني/ ولو إنه عتاب عتاب عتاب ما تحرمني/ غيابك طال وبستنا/ ان كنت هويت و انسيتني/وعليا جنيت و ما راعيتني/ إبعتلي جواب".
وهي في ذاك الزمن وقتما كانت تعيش في ظل قيود إجتماعية، تُرسِل له رسالتها الرومانسية إن إستطاعت تخطّي خجلها وتحتار في كيفية إيصال رسالتها على طريقة السيدة فيروز "يا مرسال المراسيل" التي خطّ كلماتها الأخوين الرحباني ووضع لحنها فيلمون وهبي على مقام بياتي، وطُرِحت خلال فترة الستينات ضمن فيلم بياع الخواتم. ويقول مطلعها "يا مرسال المراسيل عالضيعة القريبة خدلي بدربك هالمنديل و اعطيه لحبيبي"، وتعود لتنتظر منه رسالة أخرى بمثابة تذكار حين تقول "وبتجيبلي منو تذكار شي ورقة و شي صورة/ عالورقة يكتب أشعار وإسمو على الصورة/ يا مرسال المراسيل وسلم عا حبيبي".
من ثم يعود العاشق الولهان ليرد عليها برسالة أخرى على طريقة العندليب عبد الحليم حافظ في أغنية "جواب" التي أداها حافظ في فيلم "البنات والصيف" حين كان مغروماً بجارته التي أدت دورها الممثلة زيزي البدراوي فيغني لها الأغنية المذكورة، وهي من كلمات مرسي جميل عزيز وألحان كمال الطويل، ويستهلّها بتلك الكلمات "حبيبي الغالي من بعد الأشواق بهديك سلامي وحنيني وغرامي نور عيني حبيب قلبي حبيب حياتي مشتاق لعينيك مشتاق وأنا لسه مقابلك وفي عز الشوق يا حبيبي وفي عز الليل بكتبلك..." وهو من خلال هذه الأغنية جسّد الطريقة التقليدية للتواصل مع الحبيبة في الفيلم الذي عُرض عام 1960 من تأليف إحسان عبد القدوس وإخراج فطين عبد الوهاب.
وبعدما إستعرضنا ثلاثة أمثلة عن أغنيات كلاسيكية تمحورت حول التعبير عن الحب مع أسلوب "المراسيل" الذي لم يعد يصلح في زماننا الإلكتروني، نستطيع القول بأنّ هذه الأغنيات ومثيلاتها أصبحت من التراث الموسيقي إذ وثّقت "الرسالة الورقية" كأداة للتواصل مع الحبيب ومن خلال هذه الأغنيات ستكتشف الأجيال القادمة هذا التراث النادر!
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية