رمضان 2018، رَسَم خريطة تَحوُّل الدراما العربية مع تغيّرات النصوص والأبطال!
لا يغفل على أحدٍ أنّ الدراما العربية تعيش تحوُّلات فنية من عدّة جوانب بعدما دقّت أجراس إنذار هذه المرحلة الإنتقالية منذ عام 2013/2014 إثر العديد من العناصر الدرامية التي سنُفصّلها في الأسطر الآتية.
خلال السنوات القليلة الماضية، عاشت الدراما العربية تحوّلات فنية - جغرافية تمثّلت بإندماج الأعمال التي عُرفت بمسلسلات Pain Arab وحينها ترافقت هذه الفترة مع العديد من التحوّلات مثل بداية تراجع الإنتاجات الدرامية السورية إثر الأوضاع السياسية المحلية مع تغيّر في النمط القصصي للأعمال الدرامية من أجل نقل واقع الحرب، وبالتزامن معها إرتفعت الإنتاجات اللبنانية وتداخلت مع الأعمال المندمجة وهذا ما يُترجم تلك التعاونات الفنية بين مسلسلات أبطالها نجوم سوريون ولبنانيون بإنتاج لبناني. وأتت هذه الأعمال منذ عام 2013 لكي تواجه المسلسلات التركية التي كانت تحقّق نجاحاً كبيراً في المجتمعات العربية قبل أن تضمحل مثلما هو وضعها اليوم في عام 2018.
نضيف إلى أنّه خلال الفترة الماضية وجّه النُقّاد العديد من الإنتقادات حول إبتعاد النصوص الدرامية العربية عن نقل الواقع بإستثناء بعض الأعمال السورية التي نقلت الواقع الدراماتيكي، ولربما هذا هو الدافع الكامن وراء القواسم المشتركة التي لاحظناها في معظم المسلسلات العربية خلال الموسم الرمضاني لعام 2018 حيث تناولت مواضيع الإرهاب، الفساد، الإغتصاب وغيرها وذلك بهدف تسليط الضوء على مشاكل من حياتنا اليومية.
أما التحوّلات الدرامية الأبرز في هذا الموسم فهي تتمثّل في الدراما المصرية التي بدأت تتفلّت من قيود تقليدية ترتكز على النجم الواحد في المسلسل، وهذا ما يُذكّرنا بتحوّلات شهدتها أيضاً الأغنية العربية منذ عدّة سنوات، بمعنى أنّه في سوق الموسيقى العربية أصبحت الأغنية "الضاربة" هي النجمة التي تفرض نفسها بغض النظر عن نجم أو نجمة الغناء مثلما كان هو الحال خلال فترة التسعينات، وكذلك هو الحال فيما خص الدراما حيث أصبح العمل الناجح يفرض نفسه بغض النظر عن نجم الصف الأول في الدراما العربية التي كانت تعتمد على جماهيرية النجم، وهذا ما ينطبق على مسلسل "عوالم خفية" لبطله الممثل القدير عادل إمام الذي لم يسلم من الإنتقاد رغم أنّه أهم نجم درامي عربي، كذلك بالنسبة إلى مسلسل "لدينا أقوال أخرى" لبطلته الممثلة يسرا، ومسلسل "بالحجم العائلي" للممثل يحيى الفخراني، هذه الأسماء الثلاثة هم من أهم نجوم الدراما المصرية لكنهم بحنكتهم الفنية واجهوا هذا التحوّل الدرامي الجديد من خلال تعاونهم مع فئة الشباب الجُدُد إن كان على صعيد كتابة النص الدرامي أو الممثلين المشاركين في العمل. وأتت المنافسة مع أعمال أخرى أبطالها نجوم باتوا يتصدّرون المشهد الدرامي مع نسبة مشاهدات عالية. لذلك لاحظنا في هذا العام توجّهات مختلفة لأنماط الأدوار التي قدّمها أهم الممثلين مع محاولة الخروج من القصص النمطية لأنّهم أدركوا هذا التحوُّل الجديد في الدراما العربية الذي لم يعد يرتكز على جماهيرية النجم الواحد والبطل الأوْحد في ظل الأزمات الإنتاجية والدعائية! ولربما لهذا السبب لم يشهد هذا الموسم الرمضاني على عمل درامي إستثنائي يجمع آراء الجماهير العربية حوله.
بعد هذا التحوُّل الدرامي ستشهد الساحة الفنية على تقلّبات عديدة وتَغيُّر في الخريطة الدرامية بما فيها من نصوص وأبطال عبر الشاشة الفضية خلال الفترة القادمة والموسم الرمضاني القادم عام 2019 سيكون خير دليل على ذلك بحسب توقّعاتنا.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية