" سوق الحرير":عَكَس الإنفتاح وتطوُّر دور المرأة بِملامح خمسينية من البيئة الشاميّة ونهايته غامضة!

13:05
24-05-2020
أميرة عباس
" سوق الحرير":عَكَس الإنفتاح وتطوُّر دور المرأة بِملامح خمسينية من البيئة الشاميّة ونهايته غامضة!

"سوق الحرير" هو من المسلسلات السورية الهامة التي عُرضت خلال الموسم الرمضاني لعام 2020 ، وهو من كتابة حنان المهرجي وإخراج مؤمن الملا، بطولة بسام كوسا، سلوم حداد، أسعد فضة، كاريس بشار، قمر خلف، ميلاد يوسف ونادين تحسين بك، دارين حداد، وغيرهم.

تناول هذا العمل قصة إجتماعية خلال حقبة الخمسينات حيث تتمحور حول رجليْن الأول هو "عمران" المُتزوّج من ثلاث نساء، والرجل الآخر هو "غريب" شقيق عمران المفقود منذ سنوات بعيدة. ومن هذه القصة الرئيسية تتفرّع الخطوط الدرامية للمسلسل الذي إستطاع الخروج من العباءة التقليدية لِمسلسلات البيئة الشامية حيث إستعرض مادة درامية جديدة.

بشكل عام، عَكَس "سوق الحرير" (المقصود مكان السوق وليس إسم المسلسل) المجتمع بشكل مُصغَّر حيث رصَد المنافسة بين "ولاد الكار" من جهة، و"أخلاقيات" التجّار والرّجالات من جهة أخرى، إذ ركّز العمل من خلال هذا السوق وتجّاره على أهمية المبادئ المثالية التي يجب أن يتحلّى بها الرجال. أما بشكل خاص، ومع الغوص في الأحداث الدرامية المتعلّقة بكل عائلة من تجّار هذا السوق، رَصَد المسلسل مشاكل إجتماعية ومنها تعدّد الزوجات والإنجاب.

إلى جانب ذلك، سَلَّط مسلسل "سوق الحرير" الضوء على الإنفتاح الذي طال المجتمع العربي مع دور المرأة، وهذا ما تجلّى في شخصية شقيقة عمران التي تهوى العلم والثقافة، وتأبى فكرة زواج القاصرات وتعدّد الزوجات، أيضاً من خلال شخصية الطبيبة وصديقتها حيث رصد العمل فعالية دور المرأة في المجتمع وأهمية التعلّم والعمل.

أيضاً، وضع المسلسل في إحدى خطوطه إسقاطاً سياسياً-تاريخياً لفترات هامة، ففي الحلقات الأولى من المسلسل تناول حَدَث عدوان الجيش الفرنسي على البرلمان النيابي في دمشق خلال منتصف عام 1945، ومع تطوّر الأحداث الدرامية تناول المسلسل التقارب الاجتماعي بين الشعبيْن السوري والمصري إبّان حقبة تأسيس الجمهورية العربية المتحدة أي حينما تشكّلت الوحدة بين سوريا ومصر عام 1958 لحين أُنهيت عام 1961. كما رصد العمل التغيّرات والتحوّلات الاقتصادية المالية في تلك الفترة وما إستتبعها من أثر سلبي على رجال الأعمال.

كما إستطاع صنّاع العمل إقناعنا بهذا المسلسل من خلال العديد من العناصر، فمثلاً من ناحية النص والحوار، لقد ركّزت مؤلّفته على العديد من التفاصيل التي عكست ملامح تلك الحقبة كأسماء الفنانين والبرامج والأغنيات، ومن ناحية الديكور إرتكز على أدوات بصرية عادت بنا إلى زمن الخمسينات، وإكتملت كل العناصر الدرامية مع الأداء التمثيلي البارع للشخصيات الدرامية تحت إدارة إخراجية محترفة. ولن نغفل الحديث عن التتر الغنائي المميّز بِروح شاميّة لهذا العمل الذي يحمل توقيع الموسيقي إياد الريماوي.

أما حلقته الأخيرة، لقد حملت تشويقاً ترويجياً لجزئه الثاني إذ إختُتمت أحداثها بإطلاق رصاصتيْن وخيّم الحزن على أفراد عائلة عمران بعدما قام شحادة (فادي صبيح) بخطف ولديْ عمران (بسام كوسا) لتهديد غريب/ عبد الله (سلوم حداد) أي شقيق عمران المفقود منذ سنوات، وهناك عدة إحتمالات حول هذا الحدث الدرامي الغامض الذي سنكتشفه في الجزء الثاني، ومنها أنّ الرصاص قد يكون أصاب ولديْ عمران لتبدأ بعدها رحلة الإنتقام أو من الممكن أن يكون عبد الله هو مَن أطلق الرصاص في وجه شحادة.

 

في الختام نشير إلى أنّ كل هذا التشعُّب في الخطوط الدرامية مع العناصر الآنف ذكرها، مَنح مسلسل سوق الحرير زخماً يدفع المُشاهِد لترقّب أحداثه، مع العلم أنّ الفكرة مطروحة لتقديم سلسلة أجزاء لهذا العمل خلال المواسم الرمضانية القادمة.