يُعالِج مسلسل "ونحب تاني ليه" المشاكل العاطفية بكافة أشكالها وأنواعها بطريقة واقعية عبر حوار سَلِس، ورغم التراجيديا التي تفرضها عادةً ظروف تلك المشاكل إلّا أنّ النفحة الكوميدية في العمل تأتي لِتُخفِّف على المُشاهِد عناء الدموع. تدور أحداثه حول غالية (ياسمين عبد العزيز) وهي مهندسة ديكور، مطلّقة من زوجها السابق عبد الله (شريف منير) وهو مخرج إعلانات شهير، وبعد الطلاق تقطن غالية مع كريمتها في ذات المنزل مع والدتها (سوسن بدر) وجدتها (ليلى عز العرب)، ومع تطوّر الأحداث تتعرّف على رجل الأعمال مراد السويفي (كريم فهمي).

تستعرض الحلقات الأولى مشكلة الزوجة "غالية" التي تسعى بكافة جهودها لإرضاء زوجها "عبد الله" الأناني إلا أنّه يبقى على حاله ويزداد سوءاً ولا تدرك حقيقة خيانته لها مع صديقتها حتى يقع الطلاق بينهما، ثمّ تتعرّف غالية على مراد، ومع بداية التعارف بين هذا الثنائي، رأيْنا ما يحلو لنا جميعاً في قصص الحب مع "بداية الحكايات" قبل وقوع المشاكل، بعدها تُكرِّس الحلقات ما يُعرف في مجتمعاتنا بِمبدأ "أنّنا لا ندرك قيمة الأشياء/ الأشخاص إلا بعد فقدانها/ فقدانهم"، حيث تتجلّى حينها غيرة طليق البطلة عليها، وهذا ليس بسبب حبّه لها إنّما لأنّه يشعر بِحب التملّك!

بالتوازي مع هذا الخط الدرامي، تمّ تسليط الضوء على مشكلة إجتماعية أخرى تجلّت في إحدى حوارات غالية مع والدتها حينما صارحتها بأنّها تعيش قصة حب جديدة، إلّا أنّ والدتها حذّرتها للإنتباه على "سُمعتها" كوْنها مُطلّقة ولديها إبنة، لذلك رصد العمل هنا مشكلة المرأة بعد الطلاق لِما تتعرّض له من محاسبة إجتماعية بفرض قيود على حياتها!

بالحديث عن والدة غالية أي عائشة التي تُجسّد شخصيتها الممثلة سوسن بدر، فهي تُمثِّل مشكلة كره بعض السيدات والفتيات للرجل بشكل عام بسبب تراكمات سابقة ناجمة عن تعرّضها للخيانة من الشريك، وذلك قبل أن تُبدّل رأيها تدريجياً مع دخول د. معتصم (عماد رشاد) على حياتها. وبالرغم من أنّ ذلك يرصد معاناة إجتماعية-نفسية لدى المرأة إلّا أنّ الأداء والحوار مع شخصية عائشة جعل هذا "الكَارَاكْتَار" يضيف نفحة خاصة جداً على العمل حيث تتّسم عائشة بالعفوية والتلقائية وتدعوك لِرسم إبتسامتك بسهولة تامة بالرغم من أنها لا تُقدّم دوراً كوميدياً. وهذه النفحة الكوميدية تمتد على العمل كاملاً مع كافة شخصياته في عدّة مواقف ضمن الأحداث.

فضلاً عن المشاكل العاطفية الاجتماعية الآنف ذكرها، يرصد مسلسل "ونحب تاني ليه" مشكلة أثر الماضي الذي يبقى يُلاحقنا ببصمته في كتاب حياتنا حتى لو حاولنا تجاهله أو تناسيه، وهذا ما تجلّى في مشكلة غالية حينما علِمت أنّ صديقتها يسرا (تارا عماد) هي الخطيبة السابقة لِحبيبها مراد، فقرّرت الإبتعاد عنه.

بذلك، لقد إستطاع مسلسل "ونحب تاني ليه" إستعراض كل هذه المشاكل المقتبسة من حياتنا اليومية مع تجاربنا الشخصية أو تجارب المحيطين بنا ونقلها إلى الشاشة الفضية بنص وحوار واقعي للكاتب عمرو محمود ياسين الذي إبتعد عن "الفَزْلكة" وقدّم لنا قصصاً تشبهنا على طريقة السهل الممتنع، وتَلاصق هذا العنصر الدرامي الرئيسي مع سائر العناصر الدرامية من أداء تمثيلي محترف ومتقن إلى إدارة إخراجية مدروسة مع مؤثرات بصرية وصوتية وغيرها حتى إكتملت كافة عناصر صناعة الدراما، فقدّم "ونحب تاني ليه" مسلسلاً مصرياً إجتماعياً يستحق المُشاهدة بالفعل...